RSS

Monthly Archives: مارس 2012

ثقافة مريعة

من يزرع الخير يحصد الخير”، “الحق ينتصر ولو بعد حين”، “الصدق ينجي من المهالك والكذب يفضي إليها”، أي بهائم قد تلملم مثل هذه الفضلات لتتغذى عليها!، وأي جرم قد يقترفه مجتمع في حق ناشئته بنشر هذه الجراثيم لتفسد عقولها، فتبقى أبد الدهر عليلة!.

إن مثل هذه….ماذا يسمونها؟! حكم!!، إن مثل هذه القاذورات قد علقت بتجاويف عقول الكثيرين، فهي حاضرة ـ دوما ـ وإن لم ترددها الألسنة. ومثلها كثير، لكن ذاكرتي لم تسعفني إلا بما ذكرت، فقد تعودت ـ دون إذن مني ـ أن تقذف بهذه الجيف سريعا، عند سماعها لأول مرة.

قد صكها جد خرف من أجدادنا، لتتناقلها الببغاوات، فتشيع وتدون، وتخمرها القرون، لتسكر من يرتشفها تلك السكرة التي يغفل معها العقل، فتنسل إلى تلافيفه المظلمة لتعمل عملها السري هناك.

وهل لو كانت زراعة الخير تستلزم حصاده لغفل عنها الوصوليون؟! بل لبذروا ما تسنى لهم من حبه ليحصدوا ثمرته الموعودة تلك دون غيرهم، وللزموا سبيل الحق ـ لا يحيدون عنه ـ هذا الذي ينتصر بعد حين!، وكأنها مسألة حتمية الحدوث!، وما علينا إلا أن ننتظر قليلا أو طويلا حتى ينجز انتصاره ذاك!. وعلى درب الأولى تزحف المقولة الثالثة؛ درب النفعية المقيتة المقنعة بقناع أخلاقي.

و خطورة هذه الآفات الكبرى تكمن في انسلالها إلى الوجدان، لتنحر الإيمان، فيموت موتا خلويا، ولا يستتبع ذلك رد فعل؛ فالفعل غير مرئي، إذ يقع في بقعة مظلمة داخل النفس الإنسانية، تسمى اللاوعي.

وهنا يحيا الفرد حياة المسوخ، فلا هو كافر يقول ما يعتقد، ولا هو مؤمن يعتقد فيما يقول ويفعل. هنا يحيا المشوه المسكين بطفح التناقض بعد أن هدمت تلك الجراثيم مناعته ليفترس إيمانه الواقع المدنس.

إنها كارثة لو تعقلون!، مقولات كهذه وهي بالمئات شكلت ثقافة منقوعة بأكملها في مستنقع الإدعاء الكاذب، تصر على تجاهل الكيفية التي ينزع إليها الواقع في عمله، طمعا في دفع الناس إلى التزام مكارم الأخلاق!. ضرب من الخطل بل هو إلى الجنون أقرب!.  جنون من ذلك النوع الذي يلم بأحدهم؛ قد أحس البرد القارص، فألقى بنفسه في النيران، ليستدفأ!!.

أعلم أن كلماتي قاسية جارحة، لكن في الجرح ـ أيضا ـ تكمن الحكمة الشافية.

وإلى تلك العقول التي تأبى الدسم، لتزدرد كل ما هو خفيف يصادفها أقول:

“ابذل الخير للناس كما لو كنت شمسا لا تعرف الكسوف”، “الحق ترفعه اليد القوية إلى عليين وتسقطه اليد المرتعشة الضعيفة إلى أسفل سافلين”، “الصدق يطهر الروح، والكذب يدنسها حتى العفن”، لتنسجوا على منوالها، بخيوط رفيعة.

 
أضف تعليق

Posted by في مارس 1, 2012 بوصة مقالات